الاثنين، ١٦ أغسطس ٢٠١٠

ماذا دهاك يا مدينة الصلاة؟


5
نزل يسوع إلى أورشليم في زيارته الأولى فوجدها تغيرت كثيراً عما كانت عندما كان طفلاً. الشوارع أصبحت أكثر ازدحاماً. وجوه الناس أصبحت متربة مكفهرة ونادراً ما يرى ابتسامة على الوجوه. وعندما كانت تلتقي عيناه بعيني أحد المارة في الشوارع المزدحمة فيبتسم محيياً نادراً ما كان يرد تحيته أحد بل في بعض الأحيان كان يتلقى نظرات حادة مستهجنة من المارة إن كانت امرأة كانت تظنه يتحرش بها وإن كان رجلاً كان يظنه مثلياً يحاول الإيقاع به!
ما بك يا أورشليم؟
ماذا دهاك؟
لماذا يا مدينة الصلاة لم تعودي مدينة السلام؟ لماذا لم تعد صلاتك تعطيك سلاماً؟
كلما اقترب يسوع من الهيكل كلما زادت كثافة الزحام فموسم الحج على وشك أن يبدأ وتعداد أورشليم يتضاعف ربما أربعة أو خمسة مرات خلال هذه الأيام. وأهل أورشليم بالرغم من ضيقهم بهذا الزحام إلا أنه فرصتهم السنوية لمزيد من الرواج ودخول العملة الصعبة القادمة مع الحجيج من كل البلاد الخاضعة للإمبراطورية الرومانية.
أورشليم وكل اليهودية والجليل تختبر حراكاً سياسياً واجتماعياً وروحياً شديداً وبين التطرف في الإيمان وفي الشك. في التزمت وفي التحرر. بين الدين "الرسمي" والحركات الروحية المتعددة تتقلب وجوه الناس في السماء بحثاً عن الله.
الصدوقيون وهم طائفة الكهنة الذين لا يؤمنون إلا بأسفار التوراة الخمسة ويحفظون طقوس الذبائح في الهيكل هم الذين يمثلون الدين الرسمي ومعروف عنهم تواطئهم مع الحكومة واشتراكهم معها في نفس درجة الفساد وحب المال. منهم بالطبع نيافة الحبر الجليل رئيس الكهنة شيخ الهيكل الأكبر ومفتي الديار اليهودية. هؤلاء بالرغم من سيطرتهم على الحياة الدينية الطقسية للشعب من تقديم الذبائح المختلفة تكفيراً عن الخطايا ومراعاة الحج والأعياد وبالذات العيد الأكبر. عيد ضحية الفصح الذي يأتيه الحجيج من كل بقاع الأرض، لا أن الشعب لا يثق بهم ولا يستمع إلى فتاواهم وأحكامهم. كانت طائفة الصدوقيون تمثل الطائفة الليبرالية التي تقيم الطقوس والشرائع في العلن لكن إيمانها يميل إلى المادية لذلك كان هي الطائفة المفضلة لرجال الأعمال ورجال الدولة الذين يرون أنهم إذا أدوا الصلوات في أوقاتها وأدوّا عشور الزكاة وحجوا البيت العتيق فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون. كان الصدوقيون يؤمنون أن النفس تموت مع الجسد ولا توجد قيامة أموات ولا خلود بعد الموت.  لم يؤمنوا بوجود الملائكة أو الشياطين أو أي كائنات غير منظورة وكانوا يؤمنون أن الله يبارك الإنسان الصالح بركة مادّية هنا في الأرض وكفى.  وبالتالي يكون الثراء الماديّ  هو علامة رضا الله سبحانه وهذا بالطبع كان يوافق ميلهم للسلطة والشهرة وجمع المال.
هكذا سيطر الصدوقيون على الهيكل ورجال الأعمال على الاقتصاد ورجال السياسة على الحكم وكان وشائج الصلة والمنافع المشتركة وأيضاً المصاهرة شديدة القوة بين هذه الطوائف الثلاث في فلسطين القرن الأول الميلادي.
أما الفريسيون فهم الذين يؤمنون بكل الكتاب من توراة وأنبياء وأحاديث يهودية عديدة وتفسيرات شديدة الدقّة لكل أمور الحياة كما أنهم ادعوا وجود تقليد سماعي عن موسى تناقله الخلف من السلف وزعموا أنه معادل لشريعته المكتوبة. من حيث العقيدة كانوا يؤمنون بخلود النفس وقيامة الجسد ووجود الأرواح والجنة والنار، غير أنهم حصروا الصلاح في طاعة الناموس فجاءت دياناتهم ظاهرية وليست نابعة من القلب.  كانت هذه الطائفة من الدعاة هي الأقرب للشعب فكان الناس يسألونهم عن أمور دينهم ودنياهم فامتلأت القنوات الفضائية بهؤلاء الفريسيين وراح الناس يستفتونهم في كل أمور حياتهم من قضاء الحاجة إلى مباشرة النساء.  وكلما مارس هؤلاء الفريسيون غلواً شديداً في التحريم والتكفير، وكلما زادت كراهيتهم لنظام الحكم واتهامه بالفسق والفجور، كلما ازداد تعلق الناس بهم لكونهم يرون فيهم ما يتناقض مع فساد السلطة السياسية والدينية والدوائر المحيطة بها من رجال المال والأعمال والفن وأعلام المجتمع اليهودي.  لهذا السبب كان كل من يريد قبولاً من الشعب يظهر "التزامه" الديني بفروض الفقه الفريسي ويعلن ارتباطه بنجوم الدعاة الفريسيين الذين ظهرت منهم مؤخراً طبقة حديثة تستخدم لغة عاطفية بسيطة تصل إلى قلوب الشعب لكن  يظل مضمون تعليمهم فريسياً متشدداً.
وكان من بين الفريسيين أيضاً جماعة أو جناحاً عسكرياً يسمى جماعة الغيوريين. هؤلاء الغيوريون يميلون إلى تحقيق ملكوت المسيح بقوة السلاح وذلك للإسراع بمجيء المسيح بطلاً سياسياً وعسكياً يحرر اليهود من الرومان ويعيد أمة الخلافة اليهودية من النهر إلى البحر مظهراً دين الله على الدين كله ولو كره الغرب الروماني الكافر.  لذلك كانوا بين الحين والآخر ينظمون عمليات إرهابية فيها يختطفون أو يغتالون أحد السياسيين أو الكتاب المتحررين.  أو يفجرون أنفسهم في إحدى الحافلات السياحية أو أحد المقاهي المنتشرة حول الحرم أثناء الموالد اليهودية المختلفة.
وسط هذه الخريطة الدينية تاقت أرواح الناس وبخاصة الشباب الذين يبحثون عن الصدق والحقيقة إلى خبرة روحية  حقيقية تقرب الإنسان من الله ومن أخيه الإنسان وتعطيه معنى جديداً لحياته متحرراً من الدين الرسمي والشعبي على حد سواء. تاقت القلوب إلى علاقة روحية شخصية مباشرة بالله بعيداً عن تقاليد الدين وتسلط رجاله على الناس. وقد ظهر هذا الشوق لله وللخبرة الروحية في صور عديدة منها من ظل متمسكاً باليهودية ولكن في صورة أخرى تبحث عن الله بعيداً عن  الفساد الرسمي والتشدد الفريسي على حد سواء. ومنها من كفر باليهودية تماماً وذهب وراء الديانات السرية ذات الأصول الوثنية.
من بين حركات التجديد الروحي اليهودية التي قامت في القرون الميلادية الأولى حركة الآسينيين الذين يقال أنهم تفرعوا من الكهنة الصدوقيين رافضين ديانتهم المادّية وعاشوا في مجتمعات صغيرة في الصحراء حياة صوفية من النسك والفقر الاختياري ممتنعين عن الزواج أو أي من مباهج الحياة. من بين الآسينيين جماعة وادي قمران التي ينتمي إليها بنيامين. هؤلاء  عاشوا متوحدين في أنحاء متفرقة من صحراء اليهودية.
أما الديانات السرية  فكانت عديدة أهمها كانت ديانة مثرا التي كانت شائعة بالذات داخل الجيش الروماني من القرن الأول إلى الرابع الميلادي وهي منسوبة للإله الفارسي مثرا المولود من صخرة. و تتم عبادة مثرة في معابد سرية  تحت الأرض ومن ينضم لهذه الجماعة عليه أن يمارس طقوس خاصة فيها يقوم بذبح ثور والشرب من دمه والاغتسال بهذا الدم إيذاناً بولادته من جديد في الدين المثرائي ثم بعد ذلك يرتقي الداخل في هذا الدين سبعة رتب في الجماعة بقدر وفاءه بالطقوس والعهود.  كانت هذه الديانات السرّية تقدم للناس خبرة خاصة وتشبع احتياجاهم للعلاقات الحميمة وللدخول في مجتمع  آخر غير المجتمع  الذي يشعرون بفساده واليأس من تغييره.


كان البناء في "مول" الحرم لا يزال في مراحله الأولى والرمال والزلط وأكياس الأسمنت في كل مكان واختلط صوت خلاطات الخرسانة بأصوات التسابيح الخاصة بالعيد. مئات الحجاج من كل حدب وصوب يتحركون في جماعات تستطيع تمييز ملابسها من غيرها من الجماعات بحسب البلاد الذين قد أتوا منها. من فرس وعرب من شبه الجزيرة،  وأيضاًِ سوريون وعراقيون من الساكنين بين النهرين كما كان هناك أيضاً يهود من شتات آسيا الصغرى ومن شمال إفريقيا من مصر و ليبيا ونواحي تونس والمغرب ومن بلاد الحبشة وغيرها من البلدان الإفريقية. 
أما  الدخلاء من غير اليهود من الرومان واليونايين وغيرهم الذين أتوا من بلاد الإمبراطورية المختلفة مع جيرانهم اليهود ليتعرفوا على عبادة الله الواحد في أورشليم فلم يستطيعوا الدخول لمتابعة العبادة من داخل الهيكل بسبب استغلال الكهنة لرواق الأمم كمكان لتغيير العملة وبيع الذباح فوقفوا في الخارج مكتفين بسماع الأناشيد والتراتيل.
مال يسوع على أحد الدخلاء وهو رجل إفريقي ذو بشرة داكنة يحاول أن ينطق الكلمات العبرانية الصعبة ممسكاً بكتاب صغير فيه بعض تسبحات العيد.
ـ من أين أنت يا صديقي؟
ـ أنا من الحبشة
ـ أهلاً بك في بيت الله. بيتك.
ـ بيتي؟
ـ نعم بيت الله هو بيت الصلاة لجميع الأمم
ـ ظننت أننا غير مقبولين هنا ولا يمكننا الدخول حتى لا ننجس الهيكل، بل أني سمعت أن كهنتكم سيحرمون علينا دخول أورشليم وسوف ينشأوا طريقاً يدور حولها لكي لا نضطر أن ندخل أورشليم أثناء سفرنا إلى الجليل أو السامرة.
ـ نعم أعلم ذلك
ـ وعلمت أيضاً أنهم سوف يسمونه "طريق الكفار"
ـ ليست هذه مشيئة الله يا صديقي
ـ كيف ليست هذه مشيئة الله؟ أليست هذه توجيهات الكهنة الذين من المفترض أنهم يقرأون الكتب ويعرفون مشيئة الله.
ـ الكتاب يقول في نبوة إشعياء: «وَأَبْنَاءُ الْغَرِيبِ الَّذِينَ يَقْتَرِنُونَ بِالرَّبِّ لِيَخْدِمُوهُ وَلِيُحِبُّوا اسْمَ الرَّبِّ لِيَكُونُوا لَهُ عَبِيداً كُلُّ الَّذِينَ يَحْفَظُونَ السَّبْتَ لِئَلاَّ يُنَجِّسُوهُ وَيَتَمَسَّكُونَ بِعَهْدِي آتِي بِهِمْ إِلَى جَبَلِ قُدْسِي وَأُفَرِّحُهُمْ فِي بَيْتِ صَلاَتِي وَتَكُونُ مُحْرَقَاتُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ مَقْبُولَةً عَلَى مَذْبَحِي لأَنَّ بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى لِكُلِّ الشُّعُوبِ» (إشعياء 56: 6-7)
- يبدو أنك أنت أيضاً رجل دين ما اسمك؟
ـ اسمي يسوع الناصري وما اسمك أنت؟
ـ اسمي أريرو تعال أعرفك بأصدقائي. نحن كثيرون هنا
ذهب يسوع مع أريرو ووجد جماعة كبيرة كلهم يحاولون متابعةالعبادة من بعد فاضطربت روح يسوع فيه وبدأ غضبه يزداد فجذب أحد الحبال التي كانوا يستخدمونها في رفع آنية الأسمنت للأدوار العليا فتهاوى إناء الأسمنت وانسكب ما به صانعاً ضجيجاً كبيراً. وأخذ يسوع يجدل هذا الحبل سوطاً كبيراً واندفع به إلى داخل الهيكل قاصداً رواق الأمم.

















6
دخل يسوع غاضباً إلى رواق الأمم فرأى باعة الذبائح من البقر والأغنام والحمام و اليمام والصيارفة قد افترشوا الرواق تماماً.    تعالت أصوات الباعة والشارين في مساومات حول سعر تغيير العملات المختلفة التي جاء الحجاج بها من كافة أرجاء الإمبراطورية الرومانية و أسعار الذبائح التي بالطبع تباع لهؤلاء الغرباء بأضعاف اثمانها الحقيقية.  رائحة روث البهائم تملأ المكان ورخام أرضية  الرواق الأبيض الشاهق لا يكاد يرى من طين الأرجل الأسود المختلط بالروث الأخضر والمرصع بأعواد البرسيم ودقائق التبن كما قد ترصع الفضاء بأصوات حادّة  وأقسام غليظة من التجار  أن هذا هو الثمن الحقيقي وأن مكسبهم فيه لا يتعدى القروش القليلة، وبين الحين والآخر تتخلل الزحام الخانق حركات عصبية عنيفة عندما يحاول أحد الزبائن أخذ الذبيحة ومحاولة الخروج بها من الرواق  فيقوم التاجر الذي لم يرض بالسعر بسحبها منه بعصبية فترتطم بحاجة مسنة فتقع على الأرض صارخة من الألم  وتتلوث ثياب حجّها بروث البهائم فيضاف إلى بكاءها من الألم بكاء بسبب النجاسة التي علقت بثوبها الطاهر.
عندما شاهد يسوع هذه ما جرى لهذه السيدة تمالك غضبه وأسرع إليها وساعدها أن تقوم، ثم بدأ  يساعدها في تنظيف ملابسها بقدر المستطاع وبسرعة أخرجها للخارج لتنضم لقافلتها ثم عاد وقد عقد العزم أن يطهر الهيكل من هذه الفوضى. دخل يسوع للرواق بحزم وقوة وبدأ يسوق البهائم بالسوط الذي جدله حتى تخرج من الرواق ولم يفته أن يضرب بنفس الصوت موائد الصيارفة الذين انكبوا على الأرض ليجمعوا عملاتهم ويضعوها في أكياسهم ويهرعوا بها للخارج خوفاً من اللصوص المنتشرين في المكان.

      ـ  ارفعوا هذه من هنا. لا تجعلوا بيت أبي بيت تجارة. ألم تقرأوا أنه بيت الصلاة؟ ألم تقرأوا
        أن هذا الرواق قد بني لجميع الأمم وليس لكم فقط؟   لقد جعلتموه مغارة للصوص، ومكانة
         لإهانة الإنسان والحيوان معاً..... اخرجوا من هنا!...... هيا أنتم.. نظفوا المكان..
وبسرعة خرج للساحة وأحضر إناءّ وملأه من ماء المرحضة وأسرع به للرواق وألقاه وبدأ  في تنظيف الأرضية من الطين والروث، فهب لمساعدته بعض اللاويين في الهيكل. في ذلك الوقت تدافع الصيارفة يحاولون لملمة عملاتهم التي تناثرت على الأرض عندما قلب يسوع موائدهم وبدأوا يتشاجرون ويضربون الصبية الصغار الذين انتهزوا الفرصة وراحوا يقتنصون لأنفسهم بعض العملات.  بينما هرع واحد من الصيارفة إلى داخل القُدس ليدعوا أحد الكهنة لينقذهم من هذا الكاتب المتحمس.
-   مولانا.. انجدنا لقد هجم علينا أحد شباب الكتبة. يبدو أنه من الجليل وطرد الباعة من رواق الأمم و هو يصيح متهماً إيانا أننا جعلنا من بيت الله بيت تجارة. لا تنسى يا مولانا أنك أعطيتنا تصريحاً مختوماً بختم المملكة. أنت تعلم أن وجودنا في هذا الرواق شرعيّ تماماً.

-        نعم أعلم. سوف آت حالاً لا تقلق.
أسرع الكاهن الخطى ململماً ثوبه الأسود الفضفاض إلى رواق الأمم وعلامات الضيق والقلق بادية على وجهه، وعندما وصل إلى الرواق كان يسوع قد هدأ قليلاً وبدأ مع مجموعة الأفارقة وبعض اللاويين ينظفون الرواق من روث البهائم التي بدأ أصحابها يسحبونها إلى خارج الرواق وشيئاً فشيئاً بدأ الأفارقة يمارسون الصلاة في الرواق ولكن باضطراب وخوف.
  اقترب الكاهن من يسوع وهو يحاول أن يغطي خوفه الداخلي بالمزيد من العنف والصياح فجاء صوت عالياً أكثر من اللازم بعد أن هدأت القاعة نسبياً
ـ من أنت؟ وبأي حق تفعل هذا؟
ـ أنا يسوع.  كاتب من ناصرة الجليل
ـ كيف ترفع صوتك وتضرب بسياط هؤلاء التجار البسطاء الفقراء؟
ـ أنا لم أضرب التجار، أنا طلبت منهم أن يخرجوا ولما لم يستجيبوا قلبت الموائد ليعرفوا أنني جاد فيما أطلبه، وها قد خرجوا ولم يخسر أحد شيئاً. هم في الدار الخارجية يبيعون ويشترون.
ـ  ألا تعرف أن مافعلته اعتداء وتدنيس للهيكل؟
ـ إن ما تفعلونه هو التدنيس بعينه. بيت أبي بيت صلاة وأنتم جعلتموه مغارة لصوص
ـ بيت أبيك؟
ـ نعم بيت أبي. أوليس الله أبونا؟!
ـ نعم... نعم هو كذلك..  لكن كيف تقول عنه أنه أباك أنت بالذات؟  ثم بأي سلطان فعلت هذا
ـ بسلطان الله
ـ  من يتكلم بسلطان الله يصنع المعجزات في العلن. كل نبي جاء بدليل على نبوته. فما هو دليلك؟ ما هي آياتك؟ هل تنبأت بشيء وحدث؟ هل شفيت أحد من المرض؟ إإتنا بآية فنؤمن بك.
كان الكاهن يعرف أنه يسوع الناصري ويعرف ذياع صيته والآيات والعجائب التي بدأ يصنعها في كل قرى الجليل وكذا سمع  بشهادة المعمدان عنه إلا أنه  تظاهر بعدم معرفته بكل هذا.
ـ آيتي هي هذا الهيكل، وأشار يسوع إلى جسده، انقضوه وأنا في ثلاث أيام أقيمه.
لم يفهم الكاهن كلام  يسوع. حتى تلاميذ يسوع لم يفهموا وظنوه يتكلم عن الهيكل، فصاح الكاهن وهو يحاول أن يداري خوفه من يسوع. ـ في ستة وأربعين سنة بُنيَ هذا الهيكل وأنت تقول أنك سوف تبنيه في ثلاثة أيام. لا بد أنك تهذي
نظر إليه يسوع ولم يتكلم.  كما لم  يستطع الكاهن أن يضيف كلمة فمضى.
 عندما رأى كثير من الحاضرين ما حدث أتوا إليه قائلين أنهم يؤمنون به ويريدون أن يتبعوه  وبدأوا يسألونه إن كان هو المسيح ومتى سوف يبدأ ثورته على الرومان حتى أن بعضهم جاءوه بسيوف وعرضوا عليه أن يبدأوا في تشكيل جيش وإعلان الحرب على الكفار. كان يسوع يعلم ما في قلوبهم فربت على كتف واحد منهم:
ـ  ملكوت الله لا يأتي بالسيوف، وانصرف.
وكان واقف بعيداً رجل فريسي مسنّ ذو لحية طويلة بيضاء يتأمل ما يجري دون أن يشترك في الحوار ولكن كانت عيناه لا تفارقان يسوع وتتابعانه في كل ما يفعل أو يقول، وعندما هم يسوع بالانصراف مر به وتقابلت عيناهما ولم يقل أحد للآخر كلمة...

لن يستطيع هذا الفريسي أن ينام هذه الليلة دون أن يقابل يسوع. سوف تمنعه الأفكار من الراحة حتى يعرف من هو هذا الرجل؟ في الحلقة القادمة من مملكة الله سوف نشاهد حواراً هاماً بين يسوع وهذا الفريسي العجوز.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

beautiful
thanks
n.s.

 
google-site-verification: google582808c9311acaa3.html